
هل كأس العالم رياضة بريئة
هل كأس العالم رياضة بريئة
عناصر الموضوع:
1.الجسد نعمة يجب العناية بها
2.العلاج نفقاته مرهقة.. فمن للمحتاجين؟
3.الرياضة في الإسلام.
4.الرياضة والصحة.
5.رياضة العصر وهوسها.
6.الرياضة لا تكون بارتكاب المحظورات وترك الواجبات.
7.الرياضة والإعلام الفاسد.
8.أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟.
9.تخدير الشعوب من عمل يهود.
10.اعتراض سفينة الحرية ليست الجريمة الأولى ولا الأخيرة.
11.اليهود في حقيقتهم جبناء.
12.بين حصار الشعب وحصار غزة تشابه ولعل الفرج قريب.
13.رحيل العلماء مصيبة عظيمة على الأمة.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
الجسد نعمة يجب العناية بها
الحمد لله الذي جعل لنا السمع والأبصار والأفئدة، وأنعم علينا بنعمة الأجساد التي هي نعمة من نعم الله تعالى، وقد قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: ((وإن لجسدك عليك حقاً))، لذلك كان ينبغي صيانة الجسد ورعايته، وتقويته وإعداده لطاعة الله - عز وجل -.
ولما كانت الحياة الدنيا دار اللأواء والنصب والتعب، وكان الإنسان تعرض له الأعراض ومنها هذه الأمراض؛ كان علاجها من حق الجسد.
العلاج نفقاته مرهقة.. فمن للمحتاجين؟
وقد شرع الله لنا أنواع العلاجات، وقد صار العلاج اليوم من الأمور المكلفة الباهظة الثمن، التي تؤخذ فيها الأموال الطائلة، وكثير من الناس لا يقوون على العلاج، فلو رأيت هذا المسكين ساعة حملت امرأته، والمفترض فيه الفرح، إذا بالغم يعكِّر على فرحه، إذ كيف سيدفع فاتورة الولادة، ولو كانت تتطلب عملية قيصرية فماذا سيكون الحال؟
وإذا كان الطفل خديجاً يحتاج إلى حاضنة صناعية فالويل ثم الويل من تلك الفاتورة.
وقل مثل ذلك عن الذين يصابون بأمراض الفشل الكلوي وغيره من الأمراض التي تستلزم نفقات باهظة في العلاج، لذلك كان ينبغي على أغنياء المسلمين المساهمة في إقامة أنواع الدور الصحية العلاجية لمثل هذه الأمراض التي تتطلب نفقات كثيرة، فتقام من صدقات المسلمين، أما الزكاة فإنها تُدفع للإنسان إذا صار عليه دين من العلاج؛ لأنه يكون غارماً إذا كان لا يستطيع أن يوفي بنفقات هذا العلاج.
والمساهمة ولا شك في هذه الأمور التي تعالج الأجساد، أو تخفف عن الإنسان المعاناة ليقوم بطاعة الله (( اشف عبدك ينكأ لك عدواً، أو يمشي لك إلى صلاة )) لا شك من أبواب الطاعات.
الرياضة في الإسلام
ولما كان العلاج بالوقاية أمراً مهماً كان من حق الجسد أن يُعتنى به في أمور متعددة من الغذاء والرياضية والحمية ونحو ذلك.
والرياضة في الإسلام من الأمور المباحة التي فيها القيام بشأن هذا الجسد من جهة حقه ((إن لجسدك عليك حقاً))، ومن جهة الأخذ بأسباب القوة، ومحبة الله تعالى لصاحب ذلك كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)) فإذا صلحت نية من راض نفسه بهذه الرياضة، وجسده ليصلحه، واحتسب في ذلك الأجر؛ فإنه يناله ما دام قد تعاطى سبباً مباحاً يحقق مصلحة شرعية.
ومجيء السنة بالحث على أنواع الرياضة والمسابقة فيها مما يدل على ذلك، وحث الصحابة على الرماية والسباحة وركوب الخيل والعدو من ذلك أيضاً، وكان عمر يغطس مع ابن عباس - رضي الله عنهم - ويقول: تعال أباقيك أينا أطول نفساً (أي تحت الماء).
الرياضة والصحة
وهذه الرياضة مما يحمي من أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم والسكر، ويعين على خفض أمور من الرواسب الضارة والدهون والفضلات، وكما ذكر ابن القيم - رحمه الله - في فوائد الرياضة أنها تعود البدن الخفة والنشاط، وتجعله قابلاً للغذاء، وتصلب المفاصل - أي تجعل المفاصل صلبة قوية - وتقوي الأوتار والعضلات والرباطات.
وقال - رحمه الله - كل عضو له رياضة خاصة يقوى بها، وأما ركوب الخيل، والصراع (أي المصارعة مثل الذي كانت عليه العرب في هذا)، والمسابقة على الأقدام؛ فرياضة للبدن كله، وهذه قالعة لأمراض مزمنة، والتخلي عنها وعدمها من أسباب الخمول والكسل، ويزيد القلق والتوتر والأرق، ويؤدي إلى أنواع من هشاشة العظام، وتيبس المفاصل، والآلام المزمنة، ويجعل الجسم في حال ارتخاء وضعف، وتتعثر أعمال للأعضاء ووظائف إذا لم تكن هنالك حركة، وفي الحركة بركة.
وقد صار من أمراض عصور الترف المتأخرة مرض السكري، وتصلب الشرايين ونحو ذلك.
رياضة العصر وهوسها
ولا شك أن الرياضة هي حركة لبدن الرياضي، وهذه الحركة والقوة هي سبب الفائدة، وليس التسمر في المشاهدة، والإغراق في التعصب وما يسمى بالتشجيع؛ من الرياضة في شيء.
ولا شك أننا نعيش في هذه الأيام هوساً عالمياً يتمثل فيما يحصل من التأهب في هذه المقالات الورقية، والكتّاب والمعلقين، والمقاهي والفنادق، والشاشات المتطورة، وتقنية ثلاثية الأبعاد، وكثير من الخلق على أحر من الجمر، وازدياد في مبيعات المطبوعات المخصوصة بهذا، واستكتابات وتعبيرات، وعناوين برَّاقة، وألفاظ خلابة، وتشويق ودفع، وحشد وتحميس، واستعمال الألفاظ من جنس النصر، والفوز، والفلاح التي لو رأيتها في الكتاب والسنة لعلمت ما هو النصر الحقيقي، والفوز الحقيقي، والفلاح الحقيقي قال تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (سورة آل عمران:185).
فالجنة ونيلها هو الفوز العظيم، ونصر الله - عز وجل - هو النعمة الكبيرة، إذ ينصر الله عباده من أهل الإيمان في الدنيا والآخرة {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}(سورة غافر:51) ، وطاقة التشجيع يجب أن تنصرف إلى الحث على الفضائل، والتمسك بها، ورفع الإيمان واللحاق بركاب أهله، فينبغي أن يكون التشجيع للكبار والصغار على التمسك بالدين.
عباد الله:
وتجتاح الحمى الآن الشبكات والقنوات والمجالس، ولا شك أن هذا مما يريب، وليست القضية بريئة إطلاقاً، وقد قال الله - سبحانه وتعالى -: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(سورة الأنعام:32)، وعندما يرى الإنسان ما يوجد في المنتديات وغرف الحوار وغير ذلك من مجامع الناس حتى تأثرت الاختبارات والامتحانات الدراسية بجداول المباريات، وأنواع الدوام والأشغال، بل إن بعض الأطباء قد يعتذرون عن المناوبات في المستشفيات لأجل المتابعات الرياضية ناهيك عمن هو دونهم من الطلاب والموظفين، وانتقال الهوس إلى النساء أيضاً حتى أضحى العامل والبطّال، والمثقف والعامي، والطالب والأستاذ كلهم في هذا الهم سواء، هذا يطالب بتصرف حيال الاختبارات، وذا يرهن داره وسيارته لتوفير تذكرة سفرٍ لحضور تلك المباريات، بل تجارة الأصباغ والأدهنة على السيارات والوجوه، وإعداد الرسائل والمنتديات لحال فوز وخسارة ونحو ذلك لا شك أن هذه الحمى ليست حمى بريئة، فالمسلم يتحمس ولا شك لأمور كثيرة من الطاعة والدين، والمباح له حجم معين في حياة المؤمن، فهو ينال منه ما يعينه على الطاعة، وكان الهدف من الترويح في الإسلام هو الإعانة على الطاعة، وإجمام النفس حتى لا تمل من الطاعة، أما أن يكون الترويح في حد ذاته هو التعب والنصب وخسارة المال والأعصاب وضرر العين وما يعتري النفس من أنواع الشد والجذب.. فأي عاقل هذا الذي سيضيع ما فيه مصلحة دنياه من اختبار ونحوه من أجل هذه الجلدة المنفوخة؟!
الرياضة لا تكون بارتكاب المحظورات وترك الواجبات
عباد الله:
إن الدين قد حث على رعاية الجسد في تلك الحركة لا في ذلك التسمر، وارتفاع الضغط، وثوران الأعصاب، وأن يصبح للناس عقيدة ودين، وربما يغار بعضهم من أجلها ما لا يغار مثله على دينه، ولا تسل عن صلبان ترفع - لأنها أصلاً في أعلام وشعارات -، ولا عما ينفق من المليارات الطائلة، وصفقات القمار، وتعويذات وشعارات تُباع بالأموال، والتشفير يغضب، وثمن بطاقة الاشتراك في هذه القنوات المخصوصة لأجل ذلك بالملايين المملينة، والإنسان مسؤول عما سينفق، ومن العجب السؤال عن حكم فك التشفير من أجل مثل هذا!
هذه الأموال سيُسأل العباد عنها من أين اكتسبوها، وفيمَ أنفقوها، وإنفاق المال لبناء الأجساد، وصيانتها من الرياضة، والعلاج؛ أمر محمود حسن، لكن عندما تنفق ثلاثة مليارات لحقوق نقل، وستمائة مليون من الدولارات من شركات الإعلان والرعايات في خزينة الفيفا، ونحو ذلك مما سيكون فيه دفع وخسارة على قوم ليصبَّ في جيوب آخرين.
والعجب من بعض الأمم التي يزعمون فيها التقدم أن خمسة وعشرين بالمائة من أبنائهم سيتغيبون عن العمل، وطلب الإجازات الخاصة لمثل هذا، والناس في أزمة مالية.
اضرب برجلك كي تحوز قبولا
هذا زمان الرِجْلِ لا زمن الحجا
أنفق حياتك في الملاعب حاضناً
ودع العلوم لمن أراد خصاصة
فلأنت من قوم تسوَّد فيهم
والراقصات الكاشفات بطونها
وبنو التفكر والتعلم ضِيَّعٌ
كسدت بضاعتهم وجف رواؤها
حتى غدا جني القرائح سلعة
يا صاح قد دال الزمان فداست
هذا زمان الرِجْلِ لا زمن النُّهى
وتكون في هذا الزمان جليلا
ذبلت زهور ذوي العقول ذبولا
كرة تكون إلى مُناك سبيلا
وأحَبَّ فقراً أو أساغ خمولا
اللاعبون رياضة والضاربون طبولا
والصادحون العازفون طويلا
ذاقوا المرارة بكرة وأصيلا
لم تشف من ظمأ العطاش غليلا
لم تجدِ في ساح الفخار فتيلا
الأقدام أفهاماً لنا وعقولا
فاضرب برجلك كي تكون جليلا
تابع